غروب الشمس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


غـــــــــــــــــــــروب الشـــــــــــــــــــــــمس
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 محاضرة الشيخ محمودالمصري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عاشقة الجنه
نائب المدير
نائب المدير
عاشقة الجنه


عدد المساهمات : 1705
تاريخ التسجيل : 17/02/2009
العمر : 45

محاضرة الشيخ محمودالمصري Empty
مُساهمةموضوع: محاضرة الشيخ محمودالمصري   محاضرة الشيخ محمودالمصري I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 12, 2010 9:14 am

(( بين امتحان الدنيا وامتحان الاخرة )) : هذا هو عنوان لقائنا في هذا اليوم الميمون المبارك " ان المؤمن الذي لامس الايمان شغاف قلبه واستقر الايمان في قلبه حتى اينعت تلك الشجرة وآتت اكلها كل حين باذن ربها ، هذا المؤمن كلما راى شيءا من امور الدنيا تذكر به امر الاخرة ،فاذ ما راىالحدائق الغناء والبساتين الجميلة تذكر جنة الرحيم الرحمن جل وعلا التي فيها ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، واذا نظر الى نار الدنيا تذكر بتلك النار نار الاخرة التي هي اشد واعظم من نار الدنيا بتسعة وستين جزءا ، كلهن مثل حرهن كما اخبر بذلك الصادق الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم - ،واذا ما نام المؤمن ووضع الفراش على وجهه تذكر بذلك ظلمة القبر وضيق القبر وعذاب القبر ، فكلما راى شيءا من امور الدنيا تذكر به امر الاخرة ، واذا ما راى تلك المآسي التي يعيشها طلاب الدنيا وتلك الشدائد التي يلقاها من يمتحن في الدنيا فانه يتذكر بذلك امتحان الاخرة ، وشتان شتان بين امتحان الدنيا وامتحان الاخرة، فان العبد اذا رسب في الدنيا فان الرسوب يعقبه نجاح اما اذا رسب العبد في الاخرة فليس امامه الا النار _اعاذنا الله واياكم منها_ ، ولذا لما لقي الفضيل بن عياض - رحمه الله -لقي رجلا غافلا عن طاعة الله جل وعلا فقال :ايها الرجل كم عمرك؟ قال: عمري ستون عاما، فقال: انا لله وانا اليه راجعون فانت منذ ستين عاما وانت تسير الى الله ،يوشك ان تلقاه ،فقال الرجل : انا لله وانا اليه راجعون ، قال له الفضيل : هل تعلم معنى تلك الكلمة؟ قال اجل! اعلم اني ملك لله واني اليه راجع ، فقال الفضيل :فمن علم انه ملك لله وانه اليه راجع فليعلم انه بين يديه موقوف ، ومن علم انه بين يديه مسؤول فليعد للسؤال جوابا ،فاراد ان يستحضر في ذهن هذا الرجل امتحان الاخرة لكي يرجع ويتوب الى الله عز وجل ،فقال الرجل للفضيل :فما الحيلة يرحمك الله ؟ قال له الفضيل : الحيلة يسيرة ، ان تتقي الله فيما بقي يغفر لك الله ما قد مضى وما قد بقى {{{{ ا ِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ }}}}} ولكي تستحضر في ذهنك امر الاخرة وامتحان الاخرة فما عليك الا ان تستحضر صورة مختصرة بسيطة عن اهوال يوم القيامة -اعاذنا الله واياكم منها_ ،فالناس يحشرون يوم القيامة حفاة ،عراة ،غرلا، غير مختونين ،يقفون في ارض المحشر خمسين الف سنة {{{{{ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) }}}}}، يقفون في ارض المحشر حفاة، عراة ،غرلا ، الشمس تدنو فوق الرؤوس حتى تكون كمقدار ميل او اقل، ويفيض عرق الناس على حسب اوزارهم، وتخيل هذا العبد الذي دفن منذ الاف السنين وهو خارج من قبره بتراب القبر ،ونتن القبر ،ورائحة القبر ،ويذهب مباشرة الى ارض المحشر ليقف في انتظار بدء الحساب بين يدي الكريم التواب جل وعلا !يقف العبد بهذا التراب وتلك الرائحة المنتنة واذا به على قدر ذنوبه وآثامه التي عملها في الدنيا يفيض عرقهم، فمنهم من يبلغ العرق الى كعبيه، ومنهم الى ركبتيه ،ومنهم الى حقويه ،ومنهم من يلجمه العرق الجاما ( اي يصل الى الشفة العليا) ، فاذا ما اراد العبد ان ينطق بكلمة (آه) من شدة التالم من مواقف يوم الاخرة ومن شدائد يوم القيامة لا يستطيع ان يفتح فمه لانه لو فتح فمه لدخل العرق الى جوفه . يقف الناس خمسين الف سنة بلا طعام ، بلا شراب، بلا ظل ،حتى يسالون عن الظل ، اين الظل ؟فيقال لهم :<<انطلقوا الى ظل ذي ثلاث شعب>> فاذا انطلقوا وجدوه ظل النار {{{{{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)}}}}} ولا حول ولا قوة الا بالله ،ومن شدة هذا اليوم انه كما ثبت في الحديث الذي رواه مسلم، في حديث الشفاعة الطويل ان الناس يلجؤون الى الانبياء والمرسلين لكي يسالوا رب العالمين ان يبدأ الحساب في ذلك اليوم الطويل وكل الانبياء باستثناء الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم -، الكل يقول:<< نفسي نفسي اذهبوا الى غيري>> حتى انه في خارج رواية الصحيح يقول عيسى عليه السلام:<< لا اساله اليوم الا نفسي لا اساله مريم التي ولدتني >>. تخيل هذا المشهد العجيب فالكل يفر من احبابه {{{{{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) }}}}} ، {{{{{ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) }}}}} يريد ان يعقد صفقة بان يضحي بكل اهل الارض في مقابل ان ينجو هو وحده ويدخل جنة الرحيم الرحمن فيقال له :<<كلا >> !!!!!!!!! تخيل هذا المشهد العجيب !!!!!!! فتأمل معي احوال الناس في امور الدنيا، وفي امتحان الدنيا ،فمنهم من اذا علم انه نجح فانه يسفر وجهه ويبتسم ويسعد سعادة ما بعدها سعادة،ومنهم من اذا علم انه رسب يسود وجهه وتعلوه الكآبة والحزن على هذا الرسوب . ان الذي يحدث في الاخرة اعظم واشد من ذلك، فان العبد اذا سعد يوم القيامة فانه يسعد سعادة لا شقاء بعدها ابدا، وتأمل معي ما جاء في حديث النجوى الذي هو في الصحيح ان النبي -صلى الله عليه وسلم -يخبر عن هذا العبد الذي يدنيه الحق جل وعلا ويضع عليه كنفه ويستره عن الخلق ويقول :<<عبدي قد فعلت كذا وكذا في يوم كذا ،فيقول :بلى يا رب ،وقد فعلت كذا وكذا في يوم كذا ، بلى يا رب ،حتى يعدد الله عز وجل عليه ذنوبه وآثامه فيقر العبد بتلك الذنوب والاثام ،فاذا بالحق جل وعلا الذي وسعت رحمته كل شيء يقول : قد سترتها عليك في الدنيا وانا اليوم اغفرها لك ، خذ كتابك بيمينك وادخل الجنة ، وينطلق العبد ويأخذ كتابه بيمينه فيفتح الكتاب فاذا فيه الصلاة والحج والصيام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واذا فيه الحجاب الذي تحجبته الاخت المسلمة واذا فيه صلة الارحام واذا فيه بر الوالدين ،فينطلق في ارض المحشر وقد اشرق وجهه حتى اصبح اضوء من الشمس في وضح النهار ، والملائكة خلف هذا العبد يقولون في ارض المحشر سعد فلان ابن فلان سعادة لا يشقى بعدعا ابدا . اما الصنف الاخر عياذا بالله فان العبد اذا جاء امام الحق جل وعلا ووضع عليه كنفه وستره وقال :عبدي قد فعلت كذا وكذا في يوم كذا وكذا فيقول لا يا ربي ، الم تجر نفسك من الظلم وجعلته بيننا محرما؟ فيقول بلى ، فيقول جل وعلا لك ذلك ! فيختم على فيه وتنطق الجوارح والاركان بالجرائم التي ارتكبها هذا العبد الذي ابتعد رويدا رويدا عن طاعة الرب الرحمن جل وعلا ، فاذا ما نطقت اليد بكل ما عمل واذا ما نطق اللسان والاذن والعين وكل الجوارح بكل الجرائم الذي ارتكبها العبد ، يخلى بينه وبين الكلام فيدعو العبد على جوارحه ويقول سحقا لكنّ وضعفا ، فعنكن كنت اناضل واذا بالحق جل وعلا يأمر هذا العبد ان يأخذ كتابه بشماله او من وراء ظهره ، وينطلق هذا العبد ليبشر اخوانه من العصاة والمجرمين بنار رب العالمين ويصرخ العبد ويقول {{{{{َ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) }}}}}اين المال {{{{{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) }}}}}اين الوقارة {{{{{ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29) }}}}} فيقول الحق جل وعلا : {{{{{ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (32) }}}}}ما السبب؟؟ انه كان لا يؤمن بالله العظيم !!!!!!!!!!!!! واذا بملائكة الرحمن جل وعلا تمشي خلف هذا العبد وتصرخ في ارض المحشر : شقي فلان ابن فلان شقاوة لا يسعد بعدها ابداً >> . فالسعادة كل السعادة في ان تنجح في امتحان الاخرة والشقاء كل الشقاء ان ترسب في امتحان الاخرة ،فاذا ما انقسم الناس في امتحان الدنيا الى حزين وسعيد فان الناس في امر الاخرة ينقسمون الى قسمين لا ثالث لهما ، وشتان شتان بين النجاح في الدنيا وبين النجاح في الاخرة ، فاذا علم العبد يوم القيامة انه من اهل النار بعد الحساب فانه كما وصفه الحق جل وعلا {{{{{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) }}}}}} {{{{{( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25) }}}}} ولذا قال الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الذي رواه البخاري ، عن امنا عائشة ان النبي -صلى الله عليه وسلم - قال:<<من نوقش الحساب عذب>> حتى ولو كان من اهل الجنة ، مجرد مناقشة الحسا ب عذاب ، وعند الطبراني بسند صحيح ان النبي -صلى الله عليه وسلم - قال:<<من نوقش المحاسبة هلك >> ،حساب وهلاك لمجرد ان تقف بين يدي الحق جل وعلا ويسألك عن كل صغير وكبير {{{{{(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف : 49] }}}}}، اجل والله ايها الاخ الحبيب ستسأل يوم القيامة عن كل شيء ، فلا تحزن على فوات الدنيا بكل ما فيها فالدنيا كلها حقيرة كما اخبر الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم -كما عند الترمذي باسناد حسن <<الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالما او متعلما >> وكما عند الترمذي بسند صحيح <<لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء >> وعند مسلم ان النبي -صلى الله عليه وسلم - قال :قد أفلح من اسلم وكان رزقه كفافا وقنعه الله بما آتاه>> وعند مسلم <<الدنيا سجن المؤمن جنة الكافر >> وكان اكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين <<اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا>> : اي ما يكفي لقوت اليوم ، وفي الصحيحين ان أمنا عائشة قالت توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند رجل يهودي على ثلاثين صاعا من شعير ، بل وعند الترمذي ان اصحاب النبي دخلوا عليه فوجدوه نائما على الحصير وقد اثر الحصير في جنبه -صلى الله عليه وسلم - واذا بابن مسعود -رضي الله عنه - ينفعل مع هذا الموقف ويقول له يا رسول الله : الا نتخذ لك وطاءا ( فراشا لينا ) فيقول -صلى الله عليه وسلم - : <<مالي وللدنيا انما مثلي ومثل الدنيا كمثل رجل استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها >> اذا فمن نوقش الحساب عذب ،ومن نوقش المحاسبة هلك . ستسأل عن كل شيء ، ستسأل عن كل عمل عملته في الدنيا {{{{{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) }}}}}، بل يزداد الامر شدة وتزداد رهبة عندما تعلم انه حتى الانبياء والمرسلين سيسألون {{{{{ فلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ }}}}}، الكل سيسأل ، الكل سيقف بين يدي الحق جل وعلا ،وكما عند البخاري عن ابي سعيد الخدري -رضي الله عنه - ان النبي -صلى الله عليه وسلم - قال :<<يدعى نوح يوم القيامة فيسأله ربه عز وجل يا نوح هل بلغت رسالتك ؟ فيقول بلى يا رب قد بلغت رسالتي ،فيسأل الله عز وجل قوم نوح وهو اعلم ،هل بلغكم نوح رسالته ؟ فيقولون لا ( ما جاءنا من بشير ولا نذير) فيقول جل وعلا لنوح : من يشهد لك يا نوح _الامة انكرت_ فمن يشهد لك يا نوح فيقول نوح عليه السلام :<<يشهد لي محمد وأمته >> قال -صلى الله عليه وسلم -ستدعون فتشهدون وأشهد عليكم فذلك قوله تعالى {{{{{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }}}}}. ستسأل عن عمرك ، وعن شبابك، وعن مالك ، وعن علمك ،كما صح بذلك الحديث الذي رواه الترمذي باسناد حسن ان النبي -صلى الله عليه وسلم -قال :<< لا تزول قدما عبد من عند ربه يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيما افناه ،وعن شبابه فيما أبلاه _ مع ان الشباب من العمر لكن العلماء قالوا ان ذكر الخاص بعد ذكر العام يثير التنبيه على خطورة شأن الخاص _ أي ستسأل عن العمر ثم تسأل عن الشباب لأن الشباب مظنة الفتوة والجرأة على محارم الله والوقوع في المعاصي ، وعن شبابه فيما أبلاه ،وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به >> . ستسأل عن السمع والبصر والفؤاد قال جل وعلا {{{{{ َإِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }}}}} ستسأل عن هذا السمع ماذا سمعت به ،هل استعملته في معصية الحق جل وعلا وعشت على سماع الغناء والموسيقى والكذب والغيبة والنميمة والبهتان ،هل استمعت الى كتاب الله الرحيم الرحمن والى سنة سيد الانام -صلى الله عليه وسلم - . ستسأل عن البصر هل استعملته في قراءة كتاب الله وتعلم العلم من سنة رسول الله ثم تبليغ الدعوة الى الانام لتُعبِّد الكون كله لله ،ام استعملته في النظر الى معصية الله والى كل ما حرم الله جل وعلا . ستسأل عن الفؤاد هل تعلق قلبك بغير الله أم أن قلبك كان متعلقا بالله جل وعلا ،فعلمت يقينا أنه لا نافع ولا ضار الا الله ،وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ،وأن الدنيا كلها لو اجتمعت على أن ينفعوك فلن ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن يضروك فلن يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف . ستسأل عن رعيتك بعدما تسأل عن نفسك بين يدي الله عز وجل ،فلو كنت من أهل الفردوس الاعلى ثم كنت مضيعا لرعيتك لدخلت النار _ أعاذنا الله واياكم منها _ تسأل عن كل هذا ،ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال :<< كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته >> (وكل من أقوى الفاظ العموم) ،سل نفسك هل أمرت زوجتك بلبس الحجاب ؟هل أمرت بناتك بلبس الحجاب ؟هل أمرتهن بالحياء والصلاة ؟ هل أمرت أولادك بالصلاة وحفظ القرأن ؟ هل دللتهم على طاعة الواحد الديان ؟هل أخذتهم الى أماكن اللهو والمجون وأبعدتهم عن الرب الرحيم جل وعلا ؟ستسأل عن كل هذا قال جل وعلا {{{{{{َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم : 6]}}}}}،ستسأل عن النعيم الذي تعيش فيه الأن ،انظر الى أحوال النبي وأصحابه هل تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم - ربط على بطنه حجرا من الجوع ! فأين أنت من النعيم الذي تعيش فيه الان ،{{{{{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }}}}}في الحديث الذي رواه الترمذي باسناد حسن أنه لما نزلت تلك الآية قال أصحاب النبي للنبي -صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله وأي نعيم سنسأل عنه ؟ وانما هما الاسودان ( التمر والماء) _ بمعنى أننا لا نجد شيءا سوى التمر والماء _ والعدو حاضر والسيوف على أعناقنا أو على عواتقنا فقال -صلى الله عليه وسلم - ان ذلك سيكون ، ستسأل عن الماء البارد وستسأل عن التمر ،فما ظنك بالرغد والنعيم الذي نعيش فيه الان ولا تجد شاكرا لله الا من رحم الله ،قال تعالى :{{{{{وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }}}}} بل وعند الترمذي بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال :<<ان أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة بين يدي الله عز وجل من النعيم أن يقال له ألم نُصِحّ لك جسمك ونرويك من الماء البارد ؟>> . ستسأل عن الصحة التي أنعم الله بها عليك وتسأل عن الماء البارد الذي شربته فما ظنك بمن يتمتع بالقصور والفلل وأرقى السيارات وأبهى المطعومات والمأكولات والملبوسات وغير ذلك ، ومع ذلك لا تجد أكثر الناس شاكرين لله رب العالمين كما أخبر بذلك الحق جل وعلا {{{{{وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }}}}} ومع ذلك فتجد أكثر الناس الا من رحم الله تجده حريصا على جمع حطام الدنيا الزائل مع أنه يعلم يقينا أن كثرة المال تعني طول الحساب ،كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه أحمد بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : << اثنتان يكرههما ابن آدم : الموت وقلة المال ،والموت خير للمؤمن من الفتنة ،وقلة المال أيسر للحساب >>. اذا والسؤال الآن فما السبيل للنجاة من امتحان الآخرة ؟؟ أولا : من أسباب النجاة أن تعتصم بالله جل وعلا وأن تلجأ اليه سبحانه تعالى في كل لحضة من لحضات حياتك ،وتستغيث به وتسأله أن ينجيك من كرب يوم القيامة ، ومن مواقف وشدائد يوم القيامة ،فأنت تعلم يقينا أن النجاة لا تكون الا بيد الحق جل وعلا ،فلا يملك انسان أن يغفر لك ذنبا واحدا ،قال تعالى :{{{{{وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ }}}}}، لايملك أي انسان على وجه الارض أن يغفر لك ذنبا واحدا فاذا ما علمت أن الله عز وجل هو غافر الذنب وقابل التوب فاعلم يقينا أنه لا ينجيك من كرب يوم القيامة الا الحق جل جلاله ،فما عليك الا أن تلجأ اليه سبحانه تعالى وأن تقوم بين يديه في ثلث الليل الاخير كما أخبر بذلك المصطفى -صلى الله عليه وسلم -في الحديث الذي رواه مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال :<< ينزل ربنا الى السماء الدنيا كل ليلة تنزلا يليق بجلاله وكماله بلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل ، وينادي على عباده النيام من يدعوني فأجيبه ؟من يستغفرني فأغفر له ؟من ؟ من ؟ من ... الى أن يطلع الصبح >> .وقل من يقوم بين يدي الله جل وعلا مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم -دعا بالرحمة لكل من قام من الليل وأيقض امرأته كما في الحديث الذي رواه أبو داوود باسناد صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال :<<رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقض امرأته فان أبت نضح في وجهها الماء ،ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقضت زوجها فان أبى نضحت في وجهه الماء >> وفي رواية أخرى عند ابي داوود بسند صحيح <<فان قاما وصليا كتبا عند الله ليلتئذ من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات >> قم وتعرض لنفحات الله ، توجه الى الله عز وجل واعتصم به ،واعلم أنه لا ينفعك الا الحق جل وعلا فأول شيء من أسباب النجاة بامتحان الاخرة الاعتصام بالله وثاني الاسباب اقامة التوحيد لله جل وعلا وان كان الاصل هو اقامة التوحيد قبل ذلك فالتوحيد هو أصل الاصول ، وهو الحسنة التي يغفر الله بها كل ذنب ،والشرك هو السيئة التي يحبط الله بها كل حسنة قال تعالى : {{{{{َلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }}}}} وهذا للنبي -صلى الله عليه وسلم - وكما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي باسناد حسن أن الرب العلي جل جلاله يقول : << يا ابن آدم >> ولِمَ لم يقل يا مسلم ؟؟أو يا عبد الله ؟؟أو يا مؤمن ؟؟وانما قال يا ابن آدم ،لآن آدم عليه السلام عصى ربه فأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها فلما تاب ،تاب الله عليه ،فالله يذكرك بأن أباك قد عصى ثم تاب ، وقبل الله توبته ، وانك أيضا ستعصي ربك عز وجل ،لأن العصمة دفنت يوم أن دفن الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم - ،فيذكرك الحق جل وعلا أنك ستعصي مثلما عصى أباك ثم بعد ذلك اذا تبت توبة صادقة الى الله قبل الله توبتك قال تعالى Sad((((((((((يا ابن آدم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ))))))))))))))) ولذا جاء في الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - أراد أن يوضح لنا نعمة التوحيد وثمرة التوحيد من خلال ذلك المشهد المهيب الذي يحدث يوم القيامة قال -صلى الله عليه وسلم - :<< سيخلص الله عز وجل رجلا من أمتي يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ، يؤتى بهذا العبد فتعرض عليه ذنوبه وسيئاته في تسع وتسعين سجلا السجل كمد البصر _يعني أنك لو وقفت في مكان مرتفع فالبصر يأتي بعشرين الى ثلاثين كيلو تقريبا هذا سجل واحد فقط السجل الواحد كمد البصر تخيل تسع وتسعين سجل كلها ذنوب وسيئات _ومع ذلك جاء هذا العبد بنعمة التوحيد فيقول جل وعلا بعد أن تعرض تلك السجلات على هذا العبد عبدي أهذه صحيفتك ؟ يقول بلى يا ربي ،أهذه أعمالك ؟ بلى يا ربي ،أظلمك كتبتي الحافظون ؟_ الملكان كتبوا عليك شيئا لم تفعله _ فيقول لا يا ربي فيخرج الله جل وعلا الذي وسعت رحمته كل شيء فيخرج له بطاقة مكتوب فيها كلمة التوحيد _ لا اله الا الله محمد رسول الله _ فيقول الله عز وجل أحضر وزنك !!فيقول يا رب كيف أحضر وزني ؟وما تمثل تلك البطاقة بالنسبة لتلك السجلات ؟فيقول رب الارض والسماوات أحضر وزنك لا ظلم اليوم _ لا يوجد أي نوع من أنواع الظلم يوم القيامة _ فيحمل الرجل السجلات بأمر من الله عز وجل وتوضع السجلات كلها في كفة وتوضع البطاقة التي فيها كلمة التوحيد في الكفة الاخرى ،قال النبي -صلى الله عليه وسلم - : فطاشت السجلات فانه لا يصقل مع اسم الله شيء >> . أجل والله نعمة التوحيد أجلّ وأعظم نعمة تلقى بها الله عز وجل ، والسؤال الأن قد يسأل أحدكم ويقول هذا العبد جاء بكل تلك الذنوب فأُخرجت له تلك البطاقة ، ولا بد لكل من يأتي بالتوحيد يوم القيامة أن يكون له بطاقة مثل تلك البطاقة ،فما الذي يجعل هذا العبد يدخل الجنة ويتوب الله عز وجل عليه مع أن غيره من الموحدين الذين وقعوا في الذنوب والمعاصي ولم يتوبوا فيعذبون فترة في نار جهنم ثم يخرجون بعد ذلك الى جنة الرحيم الرحمن ؟؟ أقول ان هذا العبد كان صقل التوحيد في قلبه كبيرا فالامر ليس في نطق كلمة التوحيد {{{{{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة : 8] }}}}}فقد يقول العبد كلمة التوحيد (لا اله الا الله ) وليس لها أي صقل في قلبه ،أما هذا العبد كانت تلك الكلمة لها صقل عظيم في قلبه . الامر الثالث والاخير الذي ينجينا من كرب يوم القيامة ومن امتحان الاخرة فهو تحقيق التوكل على الحق جل وعلا قال تعالى :{{{{{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ }}}}} مع أن الحي هو الذي لا يموت فأراد الحق جل وعلا أن يؤكد هذا المعنى بأنه الحي الذي لا يموت حتى لا يتعلق قلبك بأي انسان فتعلق قلبك بانسان فالانسان قد يمرض أو يسافر أويموت والله عز وجل هو الحي الذي لا يموت قال -صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهم - عرضت علي الامم وفي رواية الترمذي بسند صحيح أن ذلك العرض كان في ليلة الاسراء والمعراج عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط أو الرهيط ورأيت النبي ومعه الرجل والرجلان ورأيت النبي وليس معه أحد اذ عرض لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل هذا موسى وأمته ثم قيل لي انظر الى الأفق فنظرت فاذا سواد عظيم انظر الى الأفق الأخر فنظرت فاذا سواد عظيم فقيل هؤلاء أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم -الذين يحرصون على كل خصلة خير تقربهم الى الله عز وجل ظلوا يتساءلون من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فخرج عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم - وأخبرهم عن السبعين ألفا فقال أما انهم هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون وفي رواية الامام أحمد بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا تضيء وجوههم كالقمر ليلة البدر فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفا وفي رواية أخرى عند أحمد بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال سألت ربي الشفاعة يوم القيامة فأعطاني سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فاستزدت ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفا وثلاث حفيات من حفيات ربي {{{{{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر : 67] }}}}} اذا فتوكل على الحي الذي لايموت ، فان أردت النجاة فحقق التوكل على الله عز وجل ، وتحقيق التوكل على الله يستلزم أربعة أمور أحاول اختصارها : 1 _ الأمر الأول : أن تتعرف على الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ،فالله عز وجل هو الحكيم الذي يضع الأمور في نصابها ، وهو الخبير ،وهو العليم ،وهو الذي يُحتاج ويفزع اليه الخلائق كلهم ،وهو لا يحتاج لأحد من خلقه جل وعلا ، وهو لا يضيع عبده المؤمن اذا اعتصم به سبحانه تعالى فان الله يحميه وينجيه في الدنيا والأخرة . 2_ الأمر الثاني : أن تؤمن ايمانا جازما بالقضاء والقدر قال تعالى : : {{{{{ اِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر : 49] }}}}} وفي الحديث الذي رواه مسلم أن أناسا من المشركين جاؤوا الى النبي -صلى الله عليه وسلم - وأرادوا أن يخاصموه في القدر فنزل قول الله {{{{{ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) }}}}}فأقدار الله عز وجل هي التي ستسير حتما ولا محالة ،قال تعالى : {{{{{ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف : 21]}}}}} فما شاء الله كان وما لو يشأ لم يكن ،ولذا فان كان الأمر بالنسبة للآجال والأعمار فقد قال الله عز وجل {{{{{ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف : 34] }}}}} وقال عز وجل {{{{{ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ }}}}}فقدر الله سيأتي لا محالة ، وان كان الأمر بالنسبة للأرزاق فقد قال تعالى : {{{{{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ }}}}}وقال تعالى : {{{{{َوفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات : 22] }}}}}فمن العباد من لا يصلحه الا الفقر ،فاذا اغتنى فأول ما يفعل أن ينسى عبوديته لله جل وعلا بل وينسى المنعم جل وعلا ، ومن الناس من لا يصلحه الا الغنى ،وان كان الأمر خاصا بالنفع والأذى فاعلم أنه لا نافع ولا ضار الا الله ، تأمل معي قول النبي -صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي باسناد صحيح واللفظ للترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال لابن عباس -رضي الله عنهما -يا غلام اني أعلمك كلمات ،احفظ الله يحفظك ،احفظ الله تجده تجاهك ،اذا سألت فاسأل الله ، واذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك فلن ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن يضروك فلن يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف . وفي رواية أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال :<<واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك بل >> وفي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : << المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير >> . استعن بالله ولا تعجز وان أصابك مكروه فقل قدر الله وما شاء فعل ،فان لو تفتح عمل الشيطان ، فخذ بالاسباب ،والأخذ بالأسباب لا يقدح في توكل العبد على الله عز وجل بل ان عدم الأخذ بالأسباب نقص وقدح في توكل العبد على ربه عز وجل ، فان سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم - قد أخذ بالأسباب وعلم الأمة كلها أن تأخذ بالأسباب ،ولذا كان من مقتضيات التوكل الأمر الثالث . 3_ الأمر الثالث : الأخذ بالأسباب ، أن تأخذ بالأسباب ، ولكن لا يتعلق قلبك بتلك الأسباب ،فالأخذ بالأسباب يعينك على أن تفعل كل ما تريد ، وأغلب الناس الآن يأخذون بالأسباب في أمر الدنيا فحسب ،فاذا ما قلت لرجل من الناس اجلس في بيتك ولا تذهب الى العمل ،فان الرزق الذي قدره الله لك سيأتيك الى بيتك لا محالة ،فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم - بذلك وقال :<<ان الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه الموت >> والحديث عند الطبراني باسناد حسن ، فاذا ما قلت لرجل اجلس في بيتك ولا تعمل فان الرزق سيأتيك لقال هذا الرجل لا ، لا بد أن أخرج وأن آخذ بالأسباب فان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة _ اسعى يا عبد وانا اسعى معك _ فاذا ما خاطبته وقلت له كما أخذت بالأسباب في أمور الدنيا فخذ بالأسباب في أمر الأخرة ،فاذا ما قلت له صلّ : لقال لك لو شاء الله أن أصلي لصليت ،ولو قلت لامرأة لا ترتدي الحجاب لم لا ترتدي حجابك ، لقالت : لو أراد الله أن يهديني لأن ألبس الحجاب لارتديت الحجاب . من الذي احتج بالقدر؟؟؟ أول من احتج بالقدر ابليس _ عليه لعنة الله _ قال : {{{{{ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف : 16]}}}}} _ بمعنى يا رب أنت الذي أغويتني لو شئت أن تهديني لهديتني!!!!! _ وكذلك المشركين فقد احتجوا بالقدر أيضا فقالوا {{{{{لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ }}}}}فأول من احتج بالقدر في أمر المعصية والأمور القبيحة ابليس والمشركون ،فمن احتج بالقدر في أمر المعصية والبعد عن الله فهو يتشبه بابليس وبالمشركين ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ومن تشبه بقوم حشر معهم . فالأخذ بالأسباب لا يقدح أبدا في توكل العبد على الله تعالى ، لذا قال سهل بن عبد الله : <<ان الطعن في الأسباب هو الطعن في السلوك >>، ما معنى تلك الكلمة ؟؟؟ قال الامام ابن القيم في مدارج السالكين : << ان الطعن في الأخذ بالأسباب طعن في السلوك ، أي في سلوك النبي أي في الوحي المنزل وفي النبوة لأن النبي هو سيد المتوكلين >> ، وقد أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم - بكل الأسباب _ حفر الخندق حتى لا يصل المشركون اليه ، وادخر طعام سنة لأزواجه ، واختبأ في الغار خوفا من أن يراه المشركون _ وأخذ بكل أسباب الدنيا وبكل أسباب الأخرة وعلمنا أن نأخذ بالأسباب ولذا لما قيل للامام أحمد :<<أن هناك أناس يجلسون في بيوتهم ويقولون ان الأرزاق التي قدرها الله لنا ستصل الينا في أماكننا >> فقال الامام أحمد :<< هؤلاء جهلوا العلم فان الله عز وجل قال لمريم {{{{{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ }}}}} مع أن مريم كانت نفساء في تلك اللحضة وولدت عيسى -عليه السلام- ولا تستطيع في تلك اللحضة أن تفعل شيئا والمرأة في أكمل حالة ضعفها وهي نفساء لا تستطيع أن تهز النخلة _ لو أن هناك عدد ورهط من الرجال لا يستطيعون هز النخلة ، فكيف بامراة ضعيفة نفساء تستطيع أن تهز النخلة!!_ الله عز وجل أراد منها أن تأخذ بالأسباب فقط ،ولم يعاملها معاملة الناس بل عاملها معاملة الأولياء ،فلما وضعت يديها على النخلة كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما - كانت النخلة ألين من الزبد ، ومن المعلوم أنه كلما طالت النخلة كلما كان رمي الرطب بعيدا ولكن مع ذلك نزل الرطب من على النخلة أمام رجليها ، فأخذت الرطب وأكلت باذن الله عز وجل _ اذا وهذا من تكملة الامام أحمد _ فان النبي -صلى الله عليه وسلم - كما عند الترمذي باسناد حسن قال :<<لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا >> .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محاضرة الشيخ محمودالمصري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مكالمة ابكت الشيخ عبد الرحمن السديس ...

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
غروب الشمس :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: